Feeds:
المقالات
التعليقات

Archive for 16 ديسمبر, 2003

رسالة من ..


رسالة من ..

 

كتبت لي صديقة من بلاد العالم الأول ( المتطور ) وضمن رسالة إلكترونية جماعية تخبرنا بها عن تجربة جديدة بحياتها ..

أعزائي

أنا هنا الآن منذ شهر وعشرين يوماً.

عندما نعد الأيام فأنت إما سعيد وإما .. البداية تنبئ بخير . الأوضاع صعبة ولكنها في تحسن .. لمن لا يعرف فأنا أكمل دراستي في .. ( الإسم يبدو في الحقيقة أكثر من متعة )

بحروف كبيرة عبرت عن شعورها تجاه المكان.

إن الزيارة لهذه المدينة كانت شيئاً ممتعاً ولكن الحياة هنا شيء مختلف تماماً .. منذ وصلت والجامعة تعاني من إضراب أدى إلى إلغاء الكثير من الصفوف لسنة كاملة ( كنت بحاجة أن آخذ واحداُ منها )

عادي .. حدث ديمقراطي

أما أن تجد مسكناً فهو كابوس بحد ذاته، سأوفر عليكم التفاصيل ولكن إيجاد مكان نظيف آمن بسعر معتدل وساحة معقولة تجعلك لا تتخبط بين الجدران كيفما تحركت لهو شيء فائق الرفاهية وسط المدينة.

لا تعليق

وأن تفتح حساباً بنكياً فهو الشيء الخارق للطبيعة بالتأكيد .. فبعد ثلاثة أسابيع من تقديم الطلب زرت خلالها البنك عدة مرات للمراجعة وكان الرد خلالها أن الأوراق ليست جاهزة بعد … ذهبت أخيراُ في اليوم الموعود لجهوز الأوراق ولكن المفاجئة كانت .. لقد أضاعوهم.

بعد أخذ ورد في مطالبة المدير لقد كنا مشغولين جداً بفتح آلاف الحسابات نحن نعتذر .. كنت من الخمسة بالمئة غير المحظوظين الذين تضيع أوراقهم  .. هذه الأشياء تحدث أليس كذلك

تسمرت .. نعم تحدث ولكن ليست هنا في البلاد .. وعلى فكرة .. لتحصل على مكان للسكن أنت بحاجة إلى حساب بنكي وللحصول على حساب بنكي أنت بحاجة إلى عنوان سكني ثابت .. السؤال الدجاجة أم البيضة ؟

بالنسبة لسيدنا نوح فقد أخذ الدجاجة معه في الفلك أما هذه الحالة فالوضع أصعب. ناهيكم عن الطقس العجيب وتجربة ساعات الزحام حيث الناس تتنفس زفير بعضها البعض داخل قطار الأنبوب يقرأون أي شيء بإنتظار المحطة القادمة

هنا حدث شيء مبهج القراءة .. هذا دليل حضارة إذا أردنا الإنصاف طبعاً.

الصفوف جيدة ولكنني سأبدو متطفلة لو قلت أنني ضعيقة أشتاق وأقدر جامعتي في بلدي.

أعلم أن الأمر يبدو وكأنني في بوركينا فاسو ولكنني في حالة صدمة ليس لأن هذه الأشياء تحدث ولكن لأنهم ينعتوننا بالبلدان النامية ( العالم الثالث ) (الغير متطورة) خدماتنا فقيرة.

صديقتي لم تنه رسالتها هنا.

بل حدثتنا عن تجربة الحياة المستغلة وكم هي مثيرة كأن حرق المبنى هي تحاول الطبخ وكارثة غسل الملابس وكيف أن الحياة الإجتماعية والثقافية مليئة بما هو جديد وإبداعي في المسارح دون السينما وعن مقابلتها العديد من الناس في الجامعة كيف أنها بدأت تصبح أفضل في تقبل الأشياء أما أنا فسأنهي رسالتي لكم هنا.

بالمناسبة هل عرفتم المدينة التي كانت تتحدث عنها صديقتي؟ ببساطة ( لندن )

 

 

** نشر في الدستور الثلاثاء بتاريخ 16 كانون الأول 2003

 

Read Full Post »


 

إرهاب أم كباب؟!

 

9/9/2003 أي قبل ثلاثة أيام من ذكرى اليوم الذي أرادته القوة الأكبر أن يكون مفتاح البوابة لتدخل إلى أي دولة … في أي مكان وتحت أي ظرف لتحارب ما أصبح الكلمة الأكثر شيوعاً على كوكبنا ( الإرهاب ) أن ترهب شخصاً أو تخيفه قد يكون بعمل ما أو بحركة ما تنم عن عدائية واضحة ليس بالضرورة عملية إستشهادية للدفاع عن أرض أغتصبت أمام أعين عالم أخرس.

وقصتي حدثت في بلد يحمل راية محاربة الإرهاب والترهيب راكضاً خلف الفاتح الأكبر… حدثت في عقر دار إحدى ديمقراطيات هذا الزمان العجيب الذي ما زال أخرس حتى الآن..

الوقت: 4:30 بتوقيت غرينتش

المكان: مطار

المكان بالتحديد- بوابة الطائرة رقم 28 لرحلة المكية المتجهة إلى عمان

الحالة: مسافرون من كل الأعمار والجنسيات . غربيون وشرقيون بعضهم فرادى وكثير من العائلات.

كنت عائدة إلى عمان بعد بضعة أسابيع من إجازتي السنوية معي قريبة وأولادها الثلاثة ياسمين 11 ومايا 7 وعلي 5 سنوات

الساعة – أصبحت إلا ربعاً بتوقيت جرينتش أيضاً

فجأة دخل خمسة رجال موشحين بالسواد مدججين ببنادق أوتوماتيكية والكثير من العتاد… يضعون على أذانهم أجهزة إتصال ويلبسون ستراً واقية. الكل تسمر في القاعة.

نظرت لوجه الصغار فلم يكن هناك لون محدد الصغير علي بدأ يسأل بسرعة وبلكنة إنجليزية ًWhats going on  وهي تحاول أن تبقيه ساكناً

بقيت أحدق بالرجال وهم يصوبون رشاشاتهم نحو الناس، يمشون بين المقاعد ويحدقون بكل الجالسين. ثلاثة منهم بين الناس وإثنان عند البوابة ثم نظروا لبعضهم البعض وأومأوا برؤوسهم بطريقة هوليوودية أن كل شيء على ما يرام واستداروا لأقرأ على ظهورهم كلمة Police.

خمس دقائق مرت سحبت أنفاس من كانوا في القاعة 29 مشهد سمج شاهدتم مثله مراراً في مسلسلات وأفلام غربية مختلفة ولكن الأحداث كانت تتطور بشكل مختلف طبعاً حسب رؤية المخرج .. ترى هل كانوا يبحثون عن شخص بعينه؟ أم أنه إجراء إرهابي وتخويفي لشخص ملتح أو إمرأة محجبة أو طفل قد يكبر ليصبح إنساناً مسلماً عربياً ذا كرامة.

خمس دقائق عجيبة وعواصف من الأسئلة.

       ترى هل هناك تهديد للطائرة؟

       ألأنها طائرة عربية متجة لدولة عربية ؟

       ماذا لو أن أحد الناس عمل حركة لا إرادية لم تعجبهم؟

       هل سيقبلون بنفس الإجراء في مطار عربي لطائرة غربية؟

       عن ماذا كانوا يبحثون؟

       ألا يراعون الرعب الذي أصاب الصغار في القاعة؟ ( هذا طبعاً إن لم نفكر بضعاف القلب من الكبار )

       كيف إستطاعوا الحكم أن كل شيء على ما يرام؟؟

       هل هذه الطريقة لكشف مفجري الائرات؟

إذا كنت أنا يا من لا أملك الفكر أو النية للتخطيط لقتل حشرة أعتقد أن هذا الفعل لن يكشف شيئاً فكيف بأشخاص ينوون فعل شيء بغيض وشرير ؟ هل ظنوا أنهم سيسقطون باكين تحت أرجلهم؟

ثم تذكرت أن لا مجيب على كل أسئلتي فعالم أخرس. دخلنا إلى الطائرة ورحت أنظر في وجوه الناس ونحن نسير ببطء بين صفوف المقاعد، وقد أعثر أنا على الإرهابي وأنقذ الطائرة.

جلست في مكاني ثم فكرت… علي أن أخبركم … لتساعدني أن أفهم كيف قد لا يسمى هذا إرهاباً؟

 

 

 

** نشرت في الدستور  9 كانون الأول 2003

 

Read Full Post »